الكل على الاغلب يتابع الاخبارالتي تتعلق بانخفاض اسعار العملات العربية، تارة الجنيه المصري وتارة الدينار الجزائري او الجنيه السوداني او الدينارالعراقي ، ومؤخرا طغت اخبار انهيار الليرة اللبنانية وتتبعها انهيارات في الليرة السورية .
يعني معظم الدول العربية الفقيرة باستثناء الاردن عملاتها انخفضت وما زالت تنخفض، بينما الدول الغنية (دول الخليج) اسعار عملاتها ثابتة بل ان بعضها يحتل مكانة متقدمة جدا في سعر الصرف كالدينار الكويتي الذي يساوي 3.5 دولار (الدينار يساوي ثلا ثة دولارات ونصف)
اذن انخفاض سعر العملة مر تبط بفقر البلدان
كيف يكون ذلك ؟
هل الأمر ينحصر بالأسباب الاقتصادية ، ام إن هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى تغيير سعر صرف أو سعر العملة مقابل العملات الأخرى.
2
عدة اسباب
كما يقول الكثير من خبراء الاقتصاد فان انخفاض العملة أو ارتفاعها يتم لعدة اسباب حيث يعتبر التضخم أهم العوامل في التذبذب الكبير في سعر الصرف، والاتجاه العام لمؤشر العملة المحلية دليل على توجه العملة انخفاضا أو صعوداً، إضافة إلى أن مؤشر سعر الفائدة للبنك المركزي وقراءة البيانات قديمها وجديدها يؤدي الى أين ستتجه قيمة العملة في تداولاتها.
ويشير الخبراء الى أن عملة أي بلد هي كأي سلعة يتم تحديدها في السوق، بناء على تفاعل قوى العرض والطلب على هذه العملة.
فعند ارتفاع الطلب على عملة من العملات، فإن ذلك يؤدي إلى رفع سعر صرف هذه العملة مقابل العملات الأخرى .
علما أنه لا توجد معادلة قياس محددة لتحديد قيمة العملات، فسابقا معظم العملات يتم تسعيرها بالذهب وما تملكه الدولة من المعادن النفيسة، وبعد الحرب العالمية الثانية تم فرض تسعير العملات والسلع العالمية بالدولار الأمريكي، بعدما أصبحت أقوى دولة في العالم اقتصاديا وعسكرياً وتم ربط الدولار بالذهب وفي عام 1971 م تم فك ارتباط الدولار بالذهب فيما عرف بـ"صدمة نيسكون" وأصبح تسعير العملات يعتمد عل العرض والطلب وقوة العملة المرتبط باقتصادها وميزان المدفوعات والناتج المحلي والأوضاع السياسة والاقتصادية.
3
لما كان التضخم الاقتصادي يمثل اهم الاسباب المؤدية الى انخفاض سعر صرف العملات الى درجة انهيارها فما هو التضخم ..؟؟
ان مفهوم التضخم الاقتصادي هو ارتفاع تصاعدي ومستمر لمستوى أسعار السلع والخدمات والايجارات وغيرها من الاحتياجات نتيجة لانخفاض قيمة النقود،
ولا يوجد سبب واحد فقط للتضخم، فهناك اسباب عدة منها
ازدياد الطلب على العرض فترتفع الأسعار،
وهناك حالة دفع النفقات وذلك عندما ترتفع نفقات الصناعة وخصوصاً في بند الأجور فتدفع الأسعار إلى أعلى،
وكذلك بعض العوامل الخارجية مثل ارتفاع أسعار المواد الأولية كالبترول مثلاً مما يؤثر على موازين المدفوعات وبالتالي على استقرار العملة المحلية.
والتضخم بالمعنى الاقتصادي هو ضعف القوة الشرائية للعملة، فإذا كان عشر وحدات من عملة البلد تشتري كيلو غرام من اللحم أو فرختين في الزمن الحاضر، ثم ضعفت القيمة الشرائية للعملة بعد سنة وأصبح ثمن كيلو اللحم أو قيمة الفرختين ما يعادل خمس عشرة وحدة من وحدات العملة المحلية،
فهذا يعني أن التضخم حدث بمعدل كبير وهو 50%. لذا فإن المستثمر الذي ربط أمواله لفترة طويلة بعائد مقبول لديه وقت بداية الاستثمار، أصبح خاسرا، ليس بسبب سوء اختياره لقناة الاستثمار، بل لأن عاملا آخر وهو التضخم قد قضى على قدر كبير من قيمة استثماره.
والتضخم أمر لا بد منه، فالأشياء ترتفع أسعارها، فبذلك تقل قيمة النقود أمام السلع، فما كان الإنسان يشتريه منذ ثلاث سنوات بمبلغ 20 دولارا مثلا فإنه الآن غالبا ما يكون بخمسة وعشرين دولارا، وهذا هو التضخم.
والتضخم المقبول والمعقول والمتوقع وجوده يكون صغير المقدار وقد لا يتجاوز نصفا في المائة أو واحدا في المائة في العام، عندما يكون الوضع الاقتصادي للبلد سليما وصحيحا.
علما بأن تضخما في حدود 1-2% لا يمكن اعتباره نذير سوء، ولكن في حالة تجاوز معدل التضخم لهذا المعدل فإن هذا يعني وجود خلل اقتصادي كبير.
4
دور البنك المركزي
من اهم مهام البنك المركزي لصدار العملة ، وفق مجموعة من الضوابط والمعايير.
الحالة الأولى التي يطبع فيها المركزي نقود جديدة، تكون بهدف استبدال النقود القديمة أو التالفة، من أجل الحفاظ على شكل العملة. ولا تؤدي هذه النقود الجديدة لزيادة المعروض من البنكنوت في السوق.
أما الحالة الثانية والتي يتم فيها إصدار نقود جديدة، تؤدي لزيادة المعروض منها، فهي تلبية الطلب على النقد من البنوك أو الحكومة مقابل حساباتهم لدى البنك المركزي، ولمجاراة الزيادة في الأسعار والنمو الاقتصادي للبلاد.
وينص قانون البنوك على المعايير التي يتبعها البنك المركزي، عند طباعة النقود، حيث أنه "يجب أن يقابل أوراق النقد المصدرة بصفة دائمة وبقدر قيمتها رصيد مكون من الذهب والنقد الأجنبي والصكوك الأجنبية وسندات الحكومة وأذونها وأي سندات أخرى تضمنها الحكومة.
ومن أبرز واهم العوامل التي تحكم عملية إصدار النقد تتمثل في نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وحجم تدفقات النقد الأجنبي من الخارج، بالإضافة إلى الأذون والسندات التي تصدرها الحكومة، بالإضافة إلى استبدال النقود التالفة".
5
شروط طباعة العملة
من المعروف أن كل الدول تقوم بالفعل بطباعة ما تشاء من عملتها الوطنية وتقوم بذلك سواء لاستبدال اوراق متداولة شبه تالفة وأحياناً لمجرد زيادة الكمية المتوفرة من العملة الوطنية في البلاد،
لكن من الناحية الاقتصادية يجب أن يتناسب طباعة العملة مع حجم الاقتصاد ومع حجم الناتج المحلي وهو ما يعني أن كل وحدة نقدية مطبوعة لا بد أن يقابلها رصيد من احتياطي النقد الأجنبي أو رصيد ذهبي، أو سلع وخدمات حقيقية يتم إنتاجها في المجتمع، حتى تكون النقود المتداولة في السوق ذات قيمة حقيقية وليست مجرد أوراق مطبوعة.
وهناك عدة أسباب لارتفاع وانخفاض العملات أمام العملات الرئيسية كالدولار واليورو، منها على سبيل المثال لا الحصر الوضع السياسي والاقتصادي بشكل عام والموارد الاقتصادية والاستثمارات المحلية والدولية، كما أن المصارف المركزية أيضا لها دور رئيسي .
وفي حال تم طباعة اوراق العملة بكميات أكبر من حجم الاقتصاد (السلع والخدمات واحتياطي النقد الاجنبي)، فان ذلك سيؤدي الى انخفاض القوة الشرائية للعملة وترتفع الاسعار ويرتفع معها التضخم وتصل الدول لحالة من اللا استقرار.
و يوجد أثار سلبية أخرى على الاقتصاد ككل قد تؤدي إلى انهيار العملة بالكلية ومن ثم انهيار الاقتصاد ككل، وذلك إن فقد الناس ثقتهم في العملة. وذلك عندما تحدث موجة من التشاؤم تؤدي إلى أن يقوم الناس بالتخلص مما لديهم من هذه العملة وشراء عملات أجنبية، والذي يؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمتها، والذي يؤدي في النهاية إلى انهيار قيمتها ومن ثم الانهيار الاقتصادي.
ولكن من زاوية اخرى فإن طباعة النقود قد يكون أحد أدوات السياسة الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد والحث على زيادة الإنتاج. وتستخدم هذه الأداة فقط عندما يكون الاقتصاد في حالة نمو وليس في ركود. حيث تكون النقود بمثابة دماء جديدة تضخ في شرايين الاقتصاد القومي مما تؤدي إلى انتعاشه.
وفي هذه الحالة، يؤدي طباعة المزيد من النقود إلى خفض الأسعار، ومن ثم إقبال أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في هذا البلد لرخص أسعاره، فيزيد الإنتاج تبعاً لذلك. وبزيادة الإنتاج يزيد المعروض من السلع والخدمات، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى.
و "هناك بُعد استراتيجي متعلق بالحالة الأمنية داخل البلد ، فاذا كان غير مستقرا فانه يؤدي الى امتناع المستثمرين من إنفاق أموالهم في البلد ، لأن الاستثمار يتأثر بالبيئة الأمنية لأي بلد من البلد ويقوم بعض اصحاب رؤوس الاموال بتحويل أموالهم وعائداتهم من العملة الوطنية إلى الدولار واليورو بطريقة شبه جماعية، ومن الطبيعي عندما يرتفع الطلب ترتفع الاسعار .
ومن المعروف إن "العرض والطلب على أي عملة من العملات مرتبط بالتجارة الخارجية (الصادرات والواردات) فعندما تصدر أي دولة فذلك يؤدي إلى زيادة الطلب على عملتها وعندما تستورد فإنها تعرض مزيداً من عملتها في السوق الدولية.
6
4 مليارات دولار عجز بميزانية الحكومة
يرزح لبنان تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يشكّل نحو 170% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب وكالة التصنيف الائتماني "ستاندر اند بورز". وتعدّ هذه النسبة من الأعلى في العالم.
وفي العام الماضي 2019 بلغ حجم الإنفاق في الموازنة العامة للدولة ( 25,850 مليار ليرة لبنانية) (17,1 مليار دولار) مقابل ايرادات بلغت قيمتها( 19,600 مليار ليرة) (13 مليار دولار). اي بعجز مقداره اكثر من 4 مليارات دولار .
واستحقاق تسديد سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار، ولديه استحقاق آخر بـ 700 مليون دولار الشهر الجاري و600 مليون أخرى في حزيران/يونيو.
مصادر العجز
إن عجز الميزانية اللبنانية يأتي من ثلاث مصادر مؤرقة تتطلب إصلاحها، أولها مجموعة الرواتب بقيمة 6 مليارات دولار، وخدمة الدين العام (دفع الفوائد) بقيمة 5 مليارات دولار، ودفع عجز قطاع الكهرباء بقيمة ملياري دولار.
الدين العام يرتفع 7.6 % والناتج المحلي ينكمش 5 %
ويشكل إجمالي الاحتياطات، أي الموجودات الخارجية واحتياطات الذهب المقدرة قيمتها السوقية حاليا بنحو 15 مليار دولار، حوالي 49.5 في المائة من الدين العام الإجمالي. وهو ما يغطي 106 أشهر من خدمة الدين.
وفي التفاصيل فقد تباطأ النمو الحقيقي لقطاع البناء بنسبة 16 في المائة، رافقه تراجع في قطاع التجارة والنقل بنسبة 8 في المائة، وتراجع في قطاع الصناعة والاستخراج والمرافق الحيوية بنسبة 5 في المائة.
أيضاً سجل القطاع العقاري، الذي يشكل المكون الأكبر في الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد، نسبة 3 في المائة، توازياً مع تطور قطاع الخدمات الشخصية والتعليم الخاص والصحة بنسبة 1 في المائة.
7
الإجراءات المطلوبة في حال ارتفاع اوانخفاض قيمة العملة
أن من أهم وظائف المصرف المركزي مراقبة التضخم والاطمئنان على القوة الشرائية للأفراد وبالتالي قيمة النقود التي يحملونها والتدخل عند مستويات تضخم غير مقبولة وذلك بعدة وسائل للمحافظة على قيمة العملة ومن هذه الوسائل رفع أو خفض قيمة الفائدة أو التيسير الكمي أو شراء العملة الأجنبية.
وإذا ما تعرضت قيمة العملة لاهتزاز، يوجد لدى الدول عدد من الإجراءات الرئيسية لمواجهة ارتفاع وانخفاض عملتها، من أهمها على الإطلاق هو التحكم بأسعار الفائدة وهو السعر الذي تدفعه البنوك لاقتراض الأموال المحلية من البنك المركزي وبالمقابل يقوم البنك المحلي بتمرير هذا السعر إلى زبائنه.
و "عند رفع سعر الفائدة من طرف المصرف المركزي لعملة ما فإن سعر العائد على الاحتفاظ برأس المال في صورة تلك العملة يكون مرتفعًا أيضًا. وهذا يؤدي إلى زيادة الطلب على العملة المحلية وايداعها في البنوك من أجل عائد أفضل، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى زيادة قيمة العملة ورفعها والعكس صحيح .
كما يمكن أن يكون لدى الدول وسائل أخرى مثل تحديد سعر الصرف أو عن طريق ضخ العملة الأجنبية وشراء العملة المحلية وعقد اتفاقيات مع دول أخرى ليكون التبادل التجاري بالعملات المحلية ووسائل أخرى كثيرة.
وللانخفاض الموزون فوائد
من الجدير الاشارة اليه في هذا المجال أنه ليس كل انخفاض في قيمة عملة هو مؤشر سلبي فقد يكون ذلك سياسة دول أو سياسة مصارف مركزية لعدة أسباب منها تنافسية، إضافة إلى السلع التصديرية للخارج، حيث إن انخفاض سعر العملة يؤدي إلى انخفاض قيمة السلع التصديرية بالعملات الأخرى وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض في أسعار هذه المنتجات مقارنة بالسلع المنتجة في دول أخرى، كما أن انخفاض قيمة العملة المحلية يؤدي إلى تنشيط السياحة، حيث يستطيع السائح الحصول على خدمات أكثر مقابل نفس المقدار من العملة الدولية التي يملكها مما يؤدي إلى تنشيط السياحة وزيادة واردات الدولة من العملات الأخرى.
======
* ابراهيم رجب
كاتب صحفي / رئيس تحريرمواقع الاعلام الجديد
======
* ابراهيم رجب
كاتب صحفي / رئيس تحريرمواقع الاعلام الجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق