حوَّل تنظيم دولة الخلافة الاسلامية (داعش) مواقع التواصل الاجتماعي إلى وسيلة للاختراق الأيديولوجي، الذي يستهدف فضلًا عن اختراق المؤسسات السيادية للدول اختراق المنظومة الثقافية والقيمية الموروثة للمجتمع وللأفراد والشعوب ومن ثم نشر النسق القيمي للتنظيم الديني الارهابي واستمالة المستخدمين إلى صفوفه، وهو ما تسمح به هذه المواقع انطلاقًا من فضائها المفتوح الذي يتميز بالتفاعلية والمشاركة والانفتاح والترابط ومشاعر الحرية، بل والسلطة والقوة؛
مما يؤكد أن الكلمة ليست وحدها الظاهرة الأيديولوجية الأمثل، بل إن "الوسيلة تحمل الطابع الأيديولوجي من أجل السيطرة والسيادة على الإنسان والطبيعة أيضًا" وهذا ما يفسر جزئيًّا كلام روبيرت هانيغان رئيس القيادة العامة للاتصالات البريطانية التي تتولى مراقبة المعلومات عبر شبكة الإنترنت عندما أوضح أن شبكة الإنترنت وشركات التكنولوجيا أصبحت بالنسبة لتنظيم الدولة "مركز مراقبة وقيادة"، وهو ما أشار إليه أيضًا ريتشارد بارت الرئيس السابق لشعبة مكافحة الإرهاب في الاستخبارات البريطانية مُبَيِّنًا أن التنظيم أوكل مهمة الدعاية إلى هذا الوسيط الخارجي؛ وهو أمر غير مسبوق، حيث يتقن التحكم في رسالته من خلال عدم التحكم في بثها
لذلك نستطيع أن نفهم الحرب الإلكترونية التي تخوضها دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم الدولة بالموازاة مع المعركة على الأرض لوقف التدفق الإعلامي النشط الذي يقوم به على شبكات التواصل الاجتماعي ومحاصرته رقميًّا (إلكترونيًّا) بعد أن حوَّل هذا "الوسيط الخارجي" منصة حاملة لأيديولوجيته (أيديولوجيا الوسيلة)، وبات بعض دول التحالف يطالب بالضغط على هذه الشبكات (تويتر وفيسبوك) للتعاون مع وكالاتها الاستخبارية لمراقبة أنشطة التنظيمات الجهادية ومتابعتها،
وتتلخص الأهداف الأساسية للحرب الإلكترونية : - منع تنظيم الدولة من الهيمنة على المجال العمومي الإلكتروني بخطابه الأيديولوجي الذي يهدف إلى "تطبيع" المستخدمين مع منظومته القيمية، ثم استمالة المتعاطفين وتجنيد المقاتلين.. إلخ. - منع التنظيم من تحويل شبكات التواصل الاجتماعي إلى عنوان لهويته الإلكترونية. - تحكم الدول الكبرى في وسائل الاتصال والإعلام. - التحكم في إنتاج الخطاب/القوة والسلطة. الرسم المرفق يبين بوضوح مختصر استراتيجية تنظيم الدولة في تحويل شبكات التواصل الاجتماعي إلى وسيلة أيديولوجية لـ"التمكين، وتقويض الاحتكار التقليدي للسلطة".
ابرهيم رجب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق