
ندى الغاد
1 - تصاعد مخاوف اميركية من خسارتها
=============================
من خصائص السياسة الأميركية في المرحلة الراهنة استمراءها اللعب على حافة الهاوية وتصعيد حالات الاستقطاب والاستعداء، تعبيراً عن نفوذها وسيطرتها على مقدرات العالم؛ مدعومة بشكل شبه مطلق من المجمع الصناعي العسكري والمالي الذي يرسم ملامح وتوجهات استراتيجياتها الكونية منذ الحرب الباردة.
ومن بين جدول الأولويات والتحديات الأميركية برزت مسألة القرصنة الالكترونية، كوسيلة حرب “كانت” واشنطن تتفوق تقنياً على كافة خصومها لزمن ليس ببعيد، مما اثار قلق الخبراء والاخصائيين الأميركيين في شؤون الأمن الالكتروني معربين عن خشيتهم من “تراجع مكانة الولايات المتحدة في هذا المضمار وخسارتها الشق الدفاعي من الحرب الالكترونية.”.
وفي هذا الصدد، حثت مؤسسة راند، الذراع الفكري لمجمع الصناعات العسكرية، في أحدث دراسة لها، مراكز القرار الأميركي على تصعيد مرتبة “الحرب الالكترونية في الفضاء الإلكتروني” إلى نظرية و”مبدأ عسكري،” يستدعي موازنات وطواقم خاصة ومختصة
وأوضحت المؤسسة أنه يتعين على “.. حلف الناتو الإبقاء على جهوزيته للتعامل مع التهديدات الالكترونية التي مصدرها أي مكان في العالم؛ والعمل على تثقيف اعضاء الحلف حول شن عمليات في الفضاء الخارجي، التخطيط العملياتي للحرب الالكترونية، برامج التدريب، واجراء تجارب لانشاء “ذاكرة عضلية” ضرورية.” (حزيران 2019).
بجملة واحدة، انها دعوة للقوات المسلحة الأميركية بالاستمرار في تنفيذ عمليات الكترونية متعددة ضد الدول الأخرى، والتي حذر منها احد ابرز خبراء الأمن الالكتروني الأميركي، الاستاذ بجامعة كولومبيا، جيسون هيلي، معرباً عن قلقه من “انزلاق” بلاده نحو شن حرب الكترونية مستدامة؛ دشنتها البنتاغون باعتماد استراتيجية الفضاء الالكتروني، 2018، عمادها مبدأ “الدفاع المتقدم.”
2 - البنتاغون يعد استراتيجية حرب إلكترونية جديدة للتصدي لروسيا
=============
كشفت مجلة "The National Interest" أن البنتاغون يعتزم تزويد القوات المسلحة بأحدث أنظمة التشويش الإلكتروني الهجومية التي تتيح لها التصدي لمنظومات "إس 300" و"إس 400" الروسية ونقلت المجلة عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، روجر كابينيس، قوله إن البنتاغون يعد استراتيجية جديدة للحرب الإلكترونية لرفع مستوى حماية الوحدات الضاربة
بالجيش الأمريكي وشدد كابينيس على أن تطوير وتطبيق أدوات الاختراق والاعتراض الإلكتروني أقل تكلفة من إطلاق الصواريخ الاعتراضية.
وقالت الدفاع الأمريكية إن إقرار الاستراتيجية الجديدة سيتم خلال الشهرين المقبلين على أن يكتمل إعدادها حتى صيف العام 2017م وأشارت الوزارة إلى أن الحاجة إلى استراتيجية جديدة للحرب الإلكترونية باتت ملحة بعد تجربة روسيا الناجحة في استخدام الأسلحة الإلكترونية المتقدمة في أوكرانيا.
ويخطط البنتاغون لتزويد طائرات حرب إلكترونية من طراز "بوينغ إي إيه-18جي غرولير" بأجهزة تشويش من الجيل الجديد تستطيع العمل في العديد من الترددات في آن واحد، وهو الأمر الذي يتيح زيادة نطاق الهجمات وفعاليتها، فضلا عن التخفي عن منظومات الصواريخ الروسية كـ"إس 300" و"إس 400" التي تعد من أفضل المنظومات عالميا.
3 - حالة امريكا لا تسر صديق
=================================
تعرضت شبكة الكهرباء في مركز المال العالمي بنيويورك إلى عطل الاسبوع الماضي شل كافة مناحي الحركة التجارية، من بين الأسباب المحتملة تعرضها لإجراءات قرصنة؛ وصادف التاريخ ما خبرته المدينة عام 1977 من انقطاع تام للتيار الكهربائي لفترة زمنية غير قصيرة.
اجراءات التحصين وحماية شبكات الطاقة الأميركية في حالة لا تسر صديق، وفق تصريحات الخبراء المعنيين، إذ أن أحد أهم الأسباب يكمن في الملكية الخاصة لتلك المرافق، سواء طاقة كهربائية أو شبكات توزيع المياه، وغياب العناية اللازمة من قبل الشركات الكبرى لتطبيق اجراءات الحماية كونها تعد انفاقاً وهدراً للميزانية.
مستشار البنتاغون للأمن الالكتروني في سلاح البحرية، مايكل باير، شكل صورة قاتمة بالقول “أعتقد اننا بصدد حرب الكترونية معلنة؛ تستهدف مجمل اركان المجتمع والدولة. اعتقد بأننا نخسر تلك الحرب.”
شهادة المستشار المذكور جاءت في اعقاب “اكتشاف” السلطات الأميركية قرصنة واسعة قامت بها الصين عام 2018 لعديد من أجهزة وشبكات الكمبيوتر الخاصة بمجموعة من كبار المتعاقدين والشركات لدى البنتاغون، احتوت على معلومات سرية دقيقة تتعلق بالصواريخ المضادة للسفن، ومدى المعلومات الأميركية المتوفرة الخاصة بقدرات الصين البحرية.

4 - الاختراقات ممكنة في العديد من المجالات
=================================
كشفت اجراءات التحقيق في الحادث عن “تعرض نظم أسلحة رئيسة لقرصنة الكترونية بعضها كان نتيجة عدم التقيد باجراءات الحماية واستخدام التشفير .. أو لعدم إغلاق خوادم الكمبيوتر.” واضافت لجنة التحقيق أن الأعمال اللوجستية للقوات العسكرية بمجملها معرضة للتدخل الخارجي، لا سيما في توزيع المياه والغذاء والذخيرة ومصادر الطاقة، أو على أقل تعديل تأجيل تسلمها في المواعيد المقررة وحتى تحويلها ألى وجهة أخرى عبر برامج كمبيوتر ضارة.
اخصائيي الأمن الالكتروني في المعهد الدولي للأمن السيبيري أعربوا عن اعتقادهم بوجود رابط بين الحادثة الأخيرة في نيويورك وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران في مجالات عدة، ابرزها القرصنة الالكترونية. وعزز الاعتقاد ما نشرته يومية نيويورك تايمز مؤخراً تؤكد فيه “قيام الولايات المتحدة بزرع برامج الكترونية ضارة في شبكة توزيع التيار الكهربائي في روسيا؛” وبأن واشنطن ماضية في مراقبة نظم الطاقة الروسية منذ عام 2012. (18 حزيران الماضي)
يشار في هذا الصدد إلى التفويض الرئاسي الصادر عن البيت الأبيض عام 2018، يسمح بموجبه لطواقم الحرب الالكترونية الأميركيين القيام “بنشاط عسكري سري” دون العودة للحصول على إذن مسبق بذلك، ناقضاً القيود التي وضعها سلفه الرئيس اوباما ملزماً القرار لمجموعة من الأجهزة الاستخباراتية والأمنية.
وصرح مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي، جون بولتون، مزهواً بعد صدور اقرار الرئاسي بأن “السياسة الرئاسية (منذ اللحظة) تسير بعكسن القيود السابقة .. واي دولة لديها نشاطات الكترونية تستهدف الولايات المتحدة، عليها أن تتوقع ردنا هجومياً ودفاعياً.”
5 - توجه جديد حسن القدرات
=================================
أشار مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي جون بولتون إنه بموجب توجيه رئاسي جديد، فإن الإدارة “غيّرت بشكل جوهري الطريقة التي تتخذ بها الحكومة الأمريكية قرارات بشأن العمليات السيبرانية الهجومية” ، مضيفاً أن النهج الجديد قد حسّن “القدرات الكلية لـ الانخراط في مزيد من النشاطات الإلكترونية الهجومية “.
وتغاضى بولتون عن حقيقة بنود صرف ميزانية الدفاع التي تذهب بمعظمها إلى نظم تسليح وموارد ملموسة، كالطائرات والسفن بانواعها، وما تتضمنه الميزانية السنوية “المعلنة” من موارد مالية للصرف على الحرب الالكترونية لا يتعدى 2% من المجموع العام.
أعرب عن ذلك بوضوح تام رئيس اللجنة الفرعية للقوات المسلحة للاستخبارات والتهديدات المقبلة في مجلس النواب، جيم لانغفين، بقوله “نحن بحاجة لمزيد من القاذفات والمقاتلات والصواريخ كي نضمن الدفاع عن بلادنا في نزاع تقليدي، بيد أنه ينبغي علينا مواجهة الحقيقة والنزاعات الرمادية الدائرة الآن والتي ستستمر في المدى المنظور.”
وقال أشد ما يقلق الرئيس الأميركي تعرض الولايات المتحدة لهجوم الكتروني دون توفر سلاح مضاد فعال باستثناء الأسلحة النووية.
6 - نصائح الخبراء
=========================
القيادات العسكرية الامريكية المتعددة أدركت حجم الثغرات في استراتيجيتها التسليحية بفرط اعتمادها على نظام تحديد المواقع، جي بي أس، والتحكم بتوجيه الأسلحة المختلفة عبر الأقمار الاصطناعية. أهم مثالبها تعرض نظم (الجي بي اس) لقرصنة الكترونية مما قد يشل الحركة بكاملها.
الأمر الذي سيفرض على قادة القطع البحرية اتقان معرفة الإبحار بالأجهزة الفلكية، والتي كانت أحد المواد المقرر اجتيازها بنجاح قبل ثلاثة عقود سابقة.
توصيات الخبراء الأميركيين في الشقين العسكري والسياسي ترجح استخدام الحرب الالكترونية كسلاح هجومي مفضل للقرن الحادي والعشرين، وتراجع أهمية الحسم بالأسلحة النووية.
الظروف الدولية الراهنة تؤشر بوضوح تام على بدء “حرب باردة” الكترونية تتسابق فيها معظم الدول، وهي على درجة عالية من التعقيد لا تنطوي على وسائل دفاعية مضادة أو ثوابت كابحة كما هو الأمر في الحروب العادية بالاسلحة التقليدية؛ ومن هنا خطورتها على العالم قاطبة والحياة البشرية كما نعرفها.
7 - قيادة مركزية امريكية للحرب الالكترونية
============
مع نهاية سنة 2011 وإدراك البيت الأبيض أنه مهدد بفقدان التفوق، بادر الرئيس باراك أوباما إلى تشكيل قيادة مركزية موحدة للحرب الإلكترونية إلى جانب القيادات العسكرية الأخرى، بعد إعلانه أن الأسلحة التي تستخدم في هذه الحرب هي أسلحة الدمار الشامل الحقيقية.
وتقول مصادر رصد أوروبية إنه بين وزارة الدفاع والأمن الداخلي، ستنفق الولايات المتحدة أكثر من 10 مليارات دولار على ابحاث الأمن الإلكتروني سنويا ومن المفترض، أن يتكون فريق الحرب الإلكترونية من 10 آلاف موظف،
ووفقاً لشركة "نورثروب كينت شنايدر"، ستصل قيمة سوق الأسلحة الإلكترونية والأمنية إلى مئة مليار دولار.
التهديد المتزايد إلكترونياً دفع عمالقة صناعة الأسلحة الأميركيين مثل "لوكهيد مارتن" و"رايثون" و"نورثروب غرومان" و"بوينغ" إلى التحرك بكثافة في سوق أنظمة الحماية الإلكترونية. وهكذا مثلاً في سنة 2010 استحوذت شركة "بوينغ" لصناعة الطائرات على شركتي "ناروس" الإسرائيلية المنشأ و"آرغون أس تي" للحلول التقنية المتقدمة لمراقبة البرمجيات الإلكترونية مقابل 2400 مليون دولار.
حرب الأشباح
كتب الخبير الروسي "ليونيد سافين" في الصحيفة الإلكترونية "ستوليتيه" مقالاً تحت عنوان "حرب الأشباح" جاء فيه: أولت أميركا أواخر 2011 اهتماماً خاصاً بالفضاء الإلكتروني. فأعدت تقارير للكونغرس حول السياسة الإلكترونية لوزارة الدفاع والإدارة القومية لمكافحة التجسس. وتضمنت تلك التقارير مخططاً للتعاون مع الشركاء الأجانب، وتوجهات سياسة واشنطن في هذا المجال للمستقبل المنظور.
8 - العالم سوف يتصدى لامريكا
============
تقول تقارير العديد من الخبراء في الشؤون العسكرية والتكنولوجية في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية: إن درجة الاهتمام الامريكي بموضوع الحرب على الشبكة العنكبوتية قد تزايد بشكل ملحوظ وعلى مستوى أكثر عمقاً وشمولًا في عامي 2008 و2009، وانعكس ذلك على إعداد ما ينشر عنه من ورش عمل ومؤتمرات. ولم يقتصر ذلك على الجانب العسكري فحسب، بل اتسع ليشمل المؤسسات الاقتصادية والمجتمع المدني،
والأخير كما هو واضح للعيان قد تمكن في كثير من الدول من جعل هذا العالم الافتراضي مسرحاً له، وميداناً لحروبه الأيديولوجية والسياسية، من دون أن يكون للعاملين على هذا المسرح مقر حقيقي ملموس، حيث يكفيهم أن يديروا معاركهم على ساحة العالم الافتراضي الممتد بلا حدود، وعلى مشهد من العالم كله، وذلك تطور خطير يحتاج إلى إعادة نظر في كثير من الأفكار القديمة.
وتضيف التاقرير ان العديد من الدول بدأت تعد العدة للتصدي لهذه الهجمات ولشن أخرى مضادة عبر الإنترنت. وصرح جريغ داي أحد المحللين الأمنيين التابعين للفرع الأوروبي من مكفي بالقول: "هناك على الأقل خمسة بلدان من المعروف أنها تسلح نفسها استعداداً لهذا الصنف من الصراعات". هذه البلدان هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وكوريا الشمالية. مشيراً إلى أن واشنطن استخدمت أساليب قرصنة إلكترونية أثناء حملتها في العراق، وهي الأساليب نفسها التي تنتهجها من أجل إحكام رقابتها الأمنية على الصعيد القومي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق