اتقان فن الاعلام وعلومة يساعد بشدة على تطور المجتمع المعرفة اعلى شأنا من المعلومات لكن المعلومات اكثر اهمية من المعرفة
من المهم جدا ادراك أن المعلومة ليست المعرفة، بل إنها لا تفضي بالضرورة إليها، أي لا تتطور لتصير معرفة. المعرفة شيء آخر قد تتطور إليه المعلومات وقد لا تتطور. ويعني هذا أن المعلومة أكثر أساسية من المعرفة، لكنها ليست أكثر أهمية منها. بدون معلومة يستحيل تصور المعرفة، ولكن بلا معرفة يمكن تصور المعلومة. وبصياغة أخرى قد توجد المعلومة ولا توجد المعرفة، لكن المعرفة غير قابلة للوجود بلا معلومة. نحن إزاء عملية تخلق أو بناء. المعلومات مداميك أو لبنات، لا يمكن للبناء أن يقوم بدونها. لكن البناء ليس اللبنات وإنما هو المجموع أو الكل الذي تتطور إليه وتؤدي بذلك وظيفة مختلفة أو دلالة مختلفة أيضاً. المعلومات كلمات، والمعرفة جمل أو نصوص.
لنتخيل المثال التالي: لو قلنا إن الانترنت بدأت في أمريكا، أو إن القطار اخترع في بريطانيا أو إن الجاحظ ألف كتاب الحيوان، فإننا نقدم معلومات ليس إلا. لكن لو أضفنا أن الانترنت هي حصيلة تطور علمي وصناعي كان من مراحله المهمة اختراع القطار، أو أن كتاب الجاحظ كان حصيلة تطور معلوماتي ومعرفي في الثقافة العربية، لو قلنا ذلك لما قدمنا مجرد معلومة وإنما قدمنا معرفة أيضاً. أي أننا أضفنا شيئاً لم يكن أصلاً موجوداً في المعلومات.
ما أضفناه هو قراءتنا أو تفسيرنا لتلك المعلومات على نحو يربطها بعضها ببعض ويستنتج دلالة كلية، أي أننا استثمرنا الوحدات الصغرى، أو المعلومات لنخرج بمعرفة هي بطبيعتها أكثر استيعاباً وشمولاً.
من هنا أمكن القول بأن المعلومات وحدات دلالية قابلة للسير في اتجاهات مختلفة، أو قابلة للتشكل ضمن بنى أكبر منها، حسب احتياجات الفكر أو مقتضيات الرؤية. ولعل الإحصائيات نموذج واضح للمعلومات في قابليتها للتشكل أو التحرك المشار إليه. فحين نقرأ تلك الأرقام الدلالية، أي الإحصائيات، نجد أنها بلا قيمة إن لم تفسر أو توظف لخدمة معرفة ما، فالإحصائيات تشكيل معلوماتي يحتاج بل يستجدي التفسير، وفوق ذلك من الصعب جداً المرور على إحصائية دون استنتاج شيء منها. والتفسير قد يكون مجرد تعجب أو دهشة عابرة، لكنه قد يكون قراءة استدلالية عميقة وربطاً يخرج بتلك الأرقام إلى فضاء المعرفة الضخم والمعقد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق