الاعلام والايديولوجيا - ابراهيم رجب

كثيرا ما نقرأ عبارة (ايديولوجيا الاعلام ) وهي تشير وكأن للاعلام ايديولوجيا مستقلة بذاتها وكأن الاعلام ذاته هو ايديولوجيا .. وفي ذلك خلط ومغالطة كبيرة وتضليل وعدم ادراك ..

لان الاعلام هو وسيلة لنقل الافكار والايديولوجيا وليس هو ذاته ايديولوجيا

.. وهناك خلط ومغالطة وتضليل في عبارة (ايديولوجيا الاعلام ) ايضا لانها تخلط بين الاعلام كوسيلة وبين الرسالة الاعلامية .. فالاعلام وسيلة ينقل رسائل يختلف مضمونها ومحتواها ليشمل كل تفاصيل الحياة واجزائها كما انها تخلط الرسائل الاعلامية ببعض وتخلق حالة من التضليل البشع ..

وذلك لان الاعلام وسائل .. تنقل رسائل .. والرسائل تختلف بقدر اختلاف كل ما يحيط بالبشرية من افكار وقضايا ومسائل وثقافات واهداف وتطلعات ..

اذن فان عبارة ايديولوجيا الاعلام هي عبارة مضللة وغير صحيحة ولكن السؤال الهام هو هل يلعب الاعلام دورا رئيسيا في ترويج الايديولوجيا ؟؟

والجواب نعم ..

بل يمكن القول انه لا وجود للايديولوجيا الا في عقل اصحابها لو لم يكن هناك اعلام روجها .. فالاعلام هو الوسيلة الوحيدة لترويج كل شيئ منذ بدأ عقل الانسان يعمل .. وكما بات معروفا للجميع فان الاعلام ينقل الأفكار من المرجعيات الثقافية السائدة (الطاغية) وهذه هي وظيفته ورسالة تنقلها وسائل الإعلام الحديثة وفي كل زمان كانت له وسائله وتتعاظم بالتقدم التكنولوجي وتدير هذه الوسائل أجهزة لها سلطة سياسية نافذة .. تتحكم بما تبثه هذه الوسائل

.. وفي عصرنا هذا لا يتمكن الانسان من معرفة أي شيئ خارج محيطه الشخصي الا من خلال وسائل الاعلام .. واصبحت صدقية الحدث او كذبه يقررها الاعلام .. (مثل اكذوبة الفوضى الخلافة مجرد كلام عابر صنع منه الاعلام استرتيجية كبرى للغرب لتحطيم العالم العربي) حتى الامور الصغيرة والاحداث في المجتمع الصغير لا يعلم بها المرء الا بواسطة اجهزة الاعلام واذا كان للاتصال المباشر هو الدور الوحيد لمعرفة ما يدور من احداث قبل الثورة الالكترونية وقبلها ثورة الالة الطابعة فانه في عصرنا الحالي لم يعد للاتصال المباشر قيمة في معرفة ما يجري وكل القيمة لما تبثه اجهزة الاعلام ..



اذن فان وسائل الإعلام وبحكم انها المصدر الرئيسي بل الوحيد تقريبا لمعرفة ما يدور او يجري ولمعرفة الكثير جدا من المعارف الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية .. فانها تؤثر على أسلوب النظر إلى الأشياء وإدراكها والموقف منها قبولها او رفضها الموافقة او التحفظ ان يكون الانسان يمينيا او يساريا متدينا رجعيا او منفتحا وطنيا ام مهزوما مبادرا متحفزا طموحا ام يائسا محبطا مكسورا نعم كل هذا يصنعه الاعلام .. ويمكن بسهولة ملاحظة ذلك من خلال متابعة ما يكتب وما ينشر حيث 99% منه مصدره الاساسي معلومة بثها الاعلام فالاعلام كان ولا يزال هو الأداة الأكثر تأثيرا في الترويج للافكار والإيديولوجيا والاشخاص والنظام السياسي