تاريخ النشر : 2008-09-16
في لقاء مع احد الاصدقاء الذي يراس واحدا من اكبر النوادي الرياضية في بلده ابدى الرئيس استيائه الشديد من حال الرياضة في بلده ، وبعد ان عدد مظاهر وظواهر الضعف والتردي وعزى ذلك الى المحسوبية والعشائرية وتدخل ذوي النفوذ اقترح ان يتم تغيير مجلس الادارة حتى يتمكن ناديه من الخروج من الازمة التي يعانيها.
ولكن وبعد استمعت مثل غيري من الموجودين الى وجهة نظره قلت له يا صديقي العزيز ان الرياضة في بلاد العرب متخلفة في كل اقسامها وانواعها واصنافها من كرة قدم وكرة سلة وكرة طائرة وكرة ماء وسباحة وكرة يد، رمح قرص قفز الى اخر السلسلة، وكلها تعاني من مشاكل عميقة ولا تحقق الفرق العربية أي انجازات ذات شان ، ونستطيع القول ان الرياضة تعبر باكبر قدر من الدقة عن صورة الاوضاع العربية المتخلفة المنهارة بابشع ما تكون عليه الصورة.
والرياضة في بلاد العرب تحتضر وتتراجع سنة بعد اخرى على مستوى الادارة والتدريب واللياقة والرياضيين والملاعب والتجهيزات والخبرات وفي كل ما يمت لها بصلة، ولذلك كانت صورتها في اولمبياد بكين مؤسفة وعكست بالفعل اوضاع العالم العربي بدقة متناهية.
والنقد للرياضة والادارات الرياضية ووزارات الشباب والرياضة لا تقف عند حد، ومنذ سنوات طويلة ومع ذلك لم تحقق الرياضة العربية أي تقدم حقيقي ملموس.
فما هو السبب في هذا التردي والتراجع الدائم في هذا الميدان الذي تحقق الدول المتقدمة انجازات هائلة فيه،؟
والجواب ببساطه هو ان هناك قاعدة اساسية تقول "ان الحضارة شاملة والتخلف شامل" فعندما تكون النظم السياسية متخلفة والنظم الاقتصادية ما زالت تقوم لى الاقتصاد الريعي والثقافة لم تخرج عن ثقافة العصور الوسطى والفنون محرمة وممنوعة ويتدخل رجال الدين في كل شؤون الحياة كما كانت عليه الحال في عصور اوروبا المظلمة، والمعارضة السياسية اسرع طريق الى السجون، والحاكم يصل الى مرتبة التمجيد والتعظيم وكانه ظل الله على الارض، والتيارات السياسية تتصارع للحصول على مقعد في السلطة وليس للارتقاء بحال الامة، عندما تكون هذه صورة المجتمعات العربية اذا لا يمكن الا ان تكون الرياضة في بلادنا على حال الاوضاع العامة ولا يمكن ان يكون اداء الرياضي احسن حالا من اداء الطبيب او المهندس او الحلاق او الصانع والعامل والتاجر والخياطة والرسامة والفنان.
الحال كلها واحدة ، التخلف يضرب جذوره في كل نواحي الحياة، وبالطبع لابد وان يكون في الرياضة ايضا.
ومن يبحث عن تطوير الرياضة عليه ان يبحث عنها في النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ومن يسعى لتطويرها عليه ان يسعى لتطوير كل تلك الجوانب.
فالرقي بالرياضة هو انعكاس لرقي الامم، وتخلفها هو دليل اكيد على تخلف الامم.
فالحل يا صديقي ليس بتغيير مجلس ادارة النادي بل بتغيير كل الاوضاع في البلد.
ابراهيم علاء الدين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق