هل الدول الراسمالية معادية للعرب ؟ الجواب لا

هل الدول الراسمالية معادية للعرب ؟ الجواب لا

بقلم : ابراهيم رجب

مقدمة :
بناء على طلب احد الاصدقاء بان اكتب عن الراسمالية (بدافع سوء نية طبعا) لظنه انني ادافع عن الدول الراسمالية وربما وصل الامر الى قناعته بانني مأجور او مستأجر من الراسمالية للدفاع عن الدول الراسمالية او عميل او باحسن النوايا مخدوع ومضلل وجاهل  ..

وقد وعدته ان اكتب عن الراسمالية وفيما يلي دراسة موجزة . تم تقسيمها الدراسة الى خمسة ابواب هي :

الاول : من هي الدول الرأسمالية وهي كل دولة راسمالية هي عدوة لبلادنا وشعوبنا العربية وتنهب خيراتها وفق المصطلحات الدارجة عند اليسار العربي ؟؟

الثاني : ما هي الراسمالية .. مفهومها فلسفتها اسسها قواعدها

الثالث : الواقع الراسمالي الحالي هل الراسمالية حقيقة في مأزق ؟؟ وانها على وشك الانهيار ؟

         الرابع : تصنيفات اجزاء الراسمالية (كيف يعمل الاقتصاد في النظام الراسمالي )

الخامس : هل هناك قوة او جماعة او دولة او مجموعة دول تسيطر على اقتصاد العالم ؟

الباب  الاول
هل الدول الراسمالية في العالم عدوة للشعوب العربية ؟
الجواب على السؤال قطعا لا .. بالتاكيد لا ..

لكن ما يحزن ويخلق في الحلق غصة ان الاغلبية الساحقة من كتاب اليسار او اعضاء احزاب يسارية واليساريين عموما حتى لو لم يكونوا منتمين الى احزاب يستخدمون في الغالب في احاديثهم عبارات وجمل مطاطة وعمومية لا يمكن احتوائها في اطار محدد وقابلة لعدة تفسيرات متناقضة ،
ومن اكثر هذه الجمل استخداما تلك التي تقول (الراسمالية عدوة الشعوب) وتلك التي لا تستخدم كلمة امبريالية الا كشتيمة وتصنيف بان من يوصف بها هو عدو لتطلعات شعوبنا وبلادنا ..

وبالاجمال اليسار يعتبر الدول الراسمالية دولا معادية وعدوة وتعتدي على بلادنا وتنهب خيراتها وتقف حائلا دون تقدمها وهي في المحصلة سبب كل البلاوي والمشاكل والازمات التي تمر بها بلادنا وفق ثقافة تقوم على فكرة المؤامرة التي لا تتوقف على بلادنا ..

ولكن هل هذه الاتهامات وهذه الرؤية حقيقية ؟؟

الواقع يقول انها ليست حقيقية .. بل اتهامات عامه عمومية وتعويمات طائشة

وفي يلي التوضيح  …

 حسب سجلات الامم المتحدة يوجد (204 دولة) في العالم منها 193 معترف بها و11 بصفة مراقب ..
وهذه الدول كافة (ال 204) كلها دول رأسمالية بما فيها ال 22 دولة عربية .. فهل يعقل ان تستخدم عبارة “الدول الراسمالية معادية وعدوة لبلادنا” اذن . 

؟ طبعا لا يجوز لان في العبارة اجمال وجمع الصالح بالطالح ..

لنأت الى مزيد من التفاصيل ..
اليابان وكوريا وتشيلي والمكسيك والهند والباكستان ونيكاراغوا وجنوب افريقيا واندونيسيا وتركيا وايران .. كل هذه الدول هي دول راسمالية .. فهل هذه الدولة معادية لتطلعات شعوبنا العربية وتعتدي عليها وتنهب خيراتها ؟؟
بالتاكيد لا ...

اذن اول ما يجب الالتزام به بشدة هو تحديد العبارة فعندما يقال راسمالية عدوة يجب ان يتم تحديد من هي الدول المقصودة بهذه العبارة .

طبعا سيرد علي البعض ويقول (ولو وهل تحتاج الى توضيح مؤكد المقصود بها امريكا والغرب )

 طيب لنرى اذا كان الغرب معاديا وعدوا ام لا ………..

دول اوروبا الغربية تضم: إسبانيا، البرتغال، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، النمسا، سويسرا، المملكة المتحدة، إيرلندا، الدانمارك، لوكسمبورغ، هولندا، بلجيكا، مالطا، الفاتيكان، أندورا، سان مارينو وليختنشتاين. (17 دولة)
واذا اضفنا لها دول اوروبا الشمالية وهي السويد النرويج الدنمارك فنلندا آيسلندا (5 دول) يصبح اجمالي دول اوروبا الغربية (جنوب ووسط وشمال 22 دولة )
وال 22 دولة تتبع النظام الاقتصادي الراسمالي القائم على حق الملكية الفردية وحرية السوق والمنافسة. 

السؤال الان هل ال 22 دولة اوروبية هي عدوة للدول العربية ؟؟
طبعا لا بكل تاكيد لا ولا اظن احدا يجادل بالامر …

طيب اذن لا امريكا الجنوبية معادية ولا اسيا معادية ولا اوروبا الشرقية معادية ولا افريقيا معادية ولا استراليا ونيوزلندا معادية وطبعا ولا الصين ولا اليابان ولا اي دولة من جنوب شرق اسيا نهبت او تنهب خيرات بلادنا ولا تحتل ولا استعمرت بلادنا .

اذن الواقع يقول ان التعبير الشائع عن عداء الدول اراسمالية لبلادنا وشعوبنا يتقلص ويصبح المقصود به دول بعينها محددة فمن هي هذه الدول يا ترى ؟

مؤكد في مقدمتها الولايات المتحدة تليها بريطانيا ففرنسا فالمانيا نسبيا اقل فايطاليا اقل وباقي الدول كهولندا او اسبانيا او اليونان او ايرلندا وكذلك الدول الخمس بشمال اوروبا ايضا لا تدخل على ما اظن في نطاق الدول المعادية .

اذن فالتركيز الحقيقي يقول ان العبارة الشائعة تتعلق بشكل رئيسي بكل من الدول الثلاث امريكا بريطانيا فرنسا ..
هذا هو الثلاثي الراسمالي المستهدف بالعبارة الشائعة عند اليسار والتي تقول ان الدول الراسمالية معادية وعدوة وتنهب خيرات المنطقة وتدعم العدو الصهيوني وهي التي تريد تفتيت المنطقة وتنفذ خطة الفوضى الخلاقة او خطة الشرق الاوسط الجديد او اي خطة والسلام ..
وبذاك تكون النيران موجهة عند اتهام الراسمالية الى اطار صغير جدا عما بمكن ان يعبر عنه الكلام العام حول عداء الراسمالية دون تحديد من المقصود بالكلام ..

الباب الثاني  – هل  الدول الراسمالية الثلاث (امريكا بريطانيا فرنسا) اعداء للدول العربية؟
——————————————
والان علينا ان نعرف ما معنى العداء الذي تمارسه هذه الدول الثلاث امريكا بريطانيا فرنسا (طبعا هناك تعاطف بهذه الدرجة او تلك او توافق من قبل المانيا وايطاليا مع مواقف هذه الدول الثلاث وهناك ايضا تقاطعات وتوافقات تتم حول هذا الموضوع او ذاك بين دول القارة الاوربية والولايات المتحدة وكذلك معهم ايضا بعض الدول الاسيوية والافريقية واستراليا كذلك ..

لكني احاول التركيز على الدول المركزية الرئيسية لنرى درجة عدائها لبلادنا وشعوبنا ودولنا حتى نعرف بالضبط ان كانت دول معادية او صديقة ام لا هذا ولا ذاك ؟؟

من الضروري الاشارة هنا انه لا يوجد موقف موحد عند جميع الشعوب العربية من اي مسالة كانت بما فيها الموقف من الراسمالية كفكر اقتصادي ولا من الدول الراسمالية
فلنرى الحقيقة كما هي :
زعيمة  الدول الراسمالية التي تعتبر معادية لتطلعات شعوب العرب حسب الرؤية اليسارية هي الولايات المتحدة الامريكية لدرجة ان باقي الدول كلها تعتبر توابع لامريكا .. لذا اعتقد انه من خلال تبيان حالة العلاقة مع امريكا وموقف الدول العربية حكومات وشعوبا منها يوضح الصورة بشكل قريب من الدقة على اصعدة مختلفة

لنرى

اولا : العلاقات السياسية :

 ترتبط الولايات المتحدة بعلاقات سياسية ممتازة ومميزة في الوقت الحالي مع جميع الدول العربية باستثناء سوريا فقط لا غير .. اما في السابق فقد كانت العلاقات سيئة مع مصر الناصرية ومع العراق البعثية ..

ثانيا : العلاقات الاقتصادية :

 ترتبط الولايات المتحدة باتفاقيات تجارية وتعاملات اقتصادية مع جميع الدول العربية باستثناء سوريا ايضا ، 

ثالثا : العلا قات الثقافية 

على الصعيد الثقافي ترتبط الولايات المتحدة بروابط ثقافية مختلفة مع جميع الدول العربية باستثناء سوريا ..
(مع ملاحظة انه في المسائل الثلاثة الخاصة بسوريا انه قبل اشتعال الحرب الاهلية الحالية لم تكن تختلف علاقات الولايات المتحدة مع سوريا عن غيرها من الدول العربية ).

رابعا : العلاقات العسكرية .. 

ايضا هناك علاقات عسكرية وتبادل خبرات وتسليح واسلحة وخدمات لوجستية واستخباراتية متبادلة بين مختلف الدول العربية والولايات المتحدة .

اذا الواقع يقول انه لا يوجد عداء بين الدول العربية (حكومات) وبين الولايات المتحدة وبالتالي لا توجد عداوات مع بريطانيا او فرنسا او هولندا او اسبانيا
اذن العداء بين من ومن ؟ .. من الذي يعادي امريكا في بلاد العرب ؟؟
تعالوا لنرى ربما الشعب العربي يعادي امريكا لنرى ذلك

خامسا : العلاقات الامنية 

لدى جميع الدول العربية اتفاقيات امنية  وتعاون امني شامل وواسع كما هي بين باقي دول العالم
——————–

3 – هل شعوب العرب تعادي الولايات المتحدة والغرب الراسمالي ؟

اعتقد ان المدخل للبحث في هذا الموضوع يجب ان ينطلق من تصنيف مستويات الشعوب العربية ..
وباختصار شديد ظهر مصطلح جديد في مصر يقول (حزب الكنبة) اي الجماهير الغفورة باللبناني اي العوام او العامة باللغة الفصحى ..

وحزب الكنبة هذا يشكل الاغلبية الساحقة من الجماهير في كل بلاد العرب، .. وحزب الكنبة هذا من ابرز ميزاته هو تدني مستوى الوعي وتفشي الامية السياسية بشكل عميق وايضا الامية الاقتصادية وبالطبع الامية الاجتماعية
وحزب الكنبة هذا (معاهم معاهم عليهم عليهم) يعني مع التيار ..
اذن حزب الكنبة هذا ليس لديه موقف من امريكا او بريطانيا او من حكومته او من اي شيء (بدو يعيش ويخلف على الله)
وبذلك تم اخرج 90% من شعوب العرب خارج الحسبة

اذا تبقى 10 % واحسن ما يزعل حدن نخليهم 20% ولا تزعلوا
ال 20% هؤلاء منهم 5% ينتمون للطبقة البرجوازية (اي لطبقة الاعداء) حسب تصنيف اليساريين وهؤلاء مصالحهم مرتبطة بالغرب الراسمالي (ابن الكلب) وبالتالي خارج الحسبة .

تبقى 15 % من سكان الوطن العربي من لهم اهتمام بالشان السياسي فما هو موقفهم من الراسمالية المتوحشة ؟

وفق اكثر الدراسات والابحاث والتقييمات والتصنيفات لا يتجاوز عدد اليسار العربي من هذه النسبة (ربع واحد بالمئة يعني بين كل 400 شخص قد تجد منهم واحد يساري) … وهذا ما تكشف عنه الاحداث الجماهيرية والانتخابات وغيرها
وفي ما عدى اليسار لا احد يعادي الولايات المتحدة باعتبارها راسمالية .. هناك عداء ورفض لمواقها السياسية المؤيدة للعدو الصهيوني يعني سبب العداء مشاعر قومية وليس وعي وادراك طبقي معادي للراسمالية ..

وهكذا يتبين ان الحديث عن عداء شعوبنا للراسمالية غير موجود الا لدى اليسار او حتى بعض اليسار وليس كله فهناك يسار عربي خرج من اطار القوالب الجامدة وتوسعت افاقه قليلا ..
————————-