نظام الحكم الشمولي .. ماهية الشمولية

. . ليست هناك تعليقات:




التعاريف:

– كلمة الشمولية ظهرت أولا في ايطاليا عام 1925م, و انتشر استعمالها بمعنى سلبي, قبل أن يعطيها منظرو الفاشية معناها الايجابي.

كتب « جيوفاني جانتيل » أحد منظري الفاشية:

« الليبرالية تضع الدولة في خدمة الفرد, الفاشية تقيم الدولة كالحقيقة بالنسبة للفرد. إذا كان من الواجب أن تكون الحرية خاصية الإنسان الفعلي, وليس الشكلي المجرد كما تراها الليبرالية الفردية, فان الفاشية مع تلك الحرية. هي فقط مع حرية يمكنها أن تصبح جدية, مع حرية الدولة وحرية الفرد في الدولة. وهذا لأن بالنسبة للفاشي كل شيء في الدولة, ولا يوجد شيء إنساني أو روحاني, أي شيء ذو قيمة, موجود خارج الدولة. بهذا المعنى يكون الفاشي شمولي. والدولة الفاشية تلخص وتوحد كل القيم التي تفسر و تطور وتعطي قوة الحياة بكاملها للشعب «

– الشمولية طريقة حكم, نظام سياسي يمسك فيه حزب واحد السلطة بكاملها, و لا يسمح بأية معارضة, فارضا جمع المواطنين وتكتيلهم في كتلة واحدة في الدولة وخلفها.

الشمولية طريقة عمل الدولة, التي تقوم, زيادة على إدارة الحياة السياسية, بإدارة الحياة الخاصة للأفراد.

الشمولية صيغة استبداد ظهرت في القرن العشرين. وهي منحدرة من الفاشية. ففي الدولة الشمولية لا يوجد الفرد ولا يعرف إلا من خلال علاقته بالمجموع » الشعب » أو » الأمة ». وتصبح الدولة مطلقة وموضوع عبادة حقيقية. ويتم عسكرتها لتأمين الإرهاب والتمكن من الهيمنة على الأفراد.

– و حسب « سغموند نيومان« :

« »فالطابع الرئيسي للأنظمة الشمولية هو مأسسة الثورة تنظيمها بمؤسسات (Institutionnaliser la révolution ) في محاولة لتأمين إدامة هذه الأنظمة.

– و عند « حانه آراندة » :

« الشمولية عندها تعني نوع من أنواع الأنظمة السياسية التي ظهرت في التاريخ المعاصر بهدف تنظيم الحياة الجماهيرية. و تعتبره حدث من النوع الجديد, الذي يمثل القطيعة مع الأحداث الأخرى و مع التاريخ أيضا كتسلسل الأحداث الأكثر أو الأقل تخليدا. و في هذا الصدد تعرف « الشمولية » أنها أزمة الحضارة الغربية شاملة, إذا هو بمثابة فجوة في التاريخ بصفة عامة و في التاريخ السياسي بصفة خاصة.

و ما يمكن استنتاج من هذا: هو أن الشمولية قطيعة جذرية مع جميع الأنظمة الممكنة و التي وجدت, و خاصة الأنظمة القريبة للنظام الشمولي إذ كانوا استبدادية, غاشمة أو ديكتاتورية.

– وحسب « كلود بولين » تسمح الإيديولوجيات الشمولية » بوضع العقول في حالة عبودية, وتعيقها في منبعها الحي عن كل تمرد, ملغية فيها حتى إمكانية تبلور النية في ذلك ».

– أما « اميليو جنتيل » فيرى أن » من عبارة الشمولية يُفهم: تجربة هيمنة سياسية تقودها حركة ثورية مكونة في حزب عسكري التنظيم, يستجيب لمفهوم سياسي أصولي. يهدف لاحتكار السلطة, ويعمل بعد استلامها, بطرق غير شرعية, لهدم النظام السابق عليه أو إعادة صياغته, ويقيم دولة جديدة, مؤسسة على الحزب الواحد. وتقوم هذه الدولة الجديدة بالسطو على المجتمع, لإخضاعه أو إدماجه أو مجانسة ».

صفات النظام الشمولي
من ضرورات الوعي السياسي ان يعرف الانسان انواع وصفات الانظمة السياسية .. وما زلنا في سياق الحديث عن النظام اشمولي
ومن ام صفاته حسب « كارل فريديريخ » أن هناك 5 صفات أساسية تميز النظام الشمولي :
1 - حزب وحيد يراقب جهاز الدولة, يديره رئيس ذو كاريزما خاصة.
2 - إيديولوجية دولة تحتوي على أبعاد خارج حدودية وأممية.
3 - جهاز بوليسي يعمد للإرهاب.
4 - إدارة مركزية للاقتصاد.
5 - احتكار وسائل الاتصال الجماهيرية.

من خصائص النظم الشمولية
آليات الهيمنة و الإخضاع في النظم الشمولية الثيوقراطية الدينية والدكتاتورية العقائدية :
1 - التخلي عن استقلال الذات الفردية ودمجها في شخص آخر أو في حزب شمولي أو حركة توتاليتارية، أي في سلطة ما، وخضوعها خضوعاً مطلقاً لهذه السلطة، حتى لتبدو هذه السلطة قوام الذات وكيانها وماهيتها. وأساس هذه النزعة هو الهروب من العجز الفعلي إلى القوة الوهمية، ومحاولة فرض الأوهام الذاتية على الواقع الموضوعي. ووجها هذه العملية المتناقضان والمتكاملان هما الرغبة في الهيمنة والرغبة في الخضوع.

2 - الرغبة في الهيمنة والرغبة في الخضوع تسمان العلاقات الاجتماعية والسياسية في النظام الشمولي، الهيمنة على الأضعف والخضوع للأقوى؛ الهيمنة على الأضعف تتخذ صيغة ممارسة سادية إزاء الآخر، كثيراً ما تكون عارية، (كالتعذيب الجسدي والنفسي في السجون والمعتقلات، وضرب الأولاد والزوجات … إلخ)؛ ترافقها وتبطنها في الوقت ذاته ممارسة مازوخية صريحة حيناً وضمنية أحياناً إزاء الذات القلقة الباحثة عن ملجأ وملاذ.

3 - الملجأ والملاذ قوة وهمية: قوة الروابط الأولية التي يحاول الفرد استعادتها والانغماس فيها من جهة، وقوة الزعيم أو الحزب أو الحركة التوتاليتارية التي يتباهى بها، ويضفي عليها صفات العصمة والقداسة والكمال، من جهة أخرى. وكلما بدا له أن استعادة الروابط الأولية مستحيلة، يحاول إعادة إنتاجها في صيغة «روابط ثانوية» بديلة، في الحزب الشمولي وفي الحركة التوتاليتارية وفي صورة الزعيم التي تكثف السلطة والقوة الرمزيتين.

4 - عمليات التطهير والتأطير المتواصلة وضعت الأفراد الذين تحرروا للتو من الروابط الأولية أمام أحد خيارين: أولهما، أن يتخلى كل منهم عن حريته واستقلاله وفرديته، فينضوي، ويضوي، في أحد تنظيمات السلطة التي لا توفر له الأمن والحماية فقط، بل تمنحه بعض الامتيازات أيضاً، بصفته مناضلاً باع نفسه، في سبيل الأهداف النبيلة. وتتناسب الامتيازات طرداً، لا مع الولاء الشخصي فحسب، بل مع درجة الضراوة في محاربة أعداء الحركة الفعليين والمحتملين.

نظام الحكم الشمولي يمر ب 3 مراحل وينهي نفسه بنفسه

قال عدد من المتخصصين ان نظام الحكم الشمولي بثلاثة مراحل اساسية ومن هؤلاء الاقتصادي الامريكي والت وايتمان روستو في كتابه الشهير الذي أصدره عام 1954 بعنوان: « مراحل النمو الاقتصادي .

المرحلة الاولى – الظهور والاستيلاء على السلطة

المرحلة الثانية – محاولة الاصلاح واحكام السيطرة

المرحلة الثالثة - الانهيار

التفاصبل :

المرحلة الاولى :

إن المرحلة الأولى من عمر النظام الشمولي تكون إيديولوجية، بمعنى إن النظام ينبني فيها انطلاقاً من « ترسيمة مغلقة » تحدد ماهيته وطابعه ونمط إنتاجه المادي والمعنوي وإشكال اشتغاله وآليات عمله ومصالحه وحتى نمط زعامته.

في هذه المرحلة، التي تكون الايدولوجيا فيها المنطلق والمعيار، ينفرد حزب أو تنظيم سري بمطابقة الواقع الجديد مع ما فيها من رؤى وخطط يجب أن يتشكل على صورتها ومثالها، الأمر الذي يجعل النظام الإيديولوجي منبع النظام الشمولي ومصدره الوحيد، ويضفي القدسية على حملتها وخاصة القياديين منهم، الذين يتحولون إلى كائنات فوق بشرية، معصومة وطهورة، لا يجوز المسّ بها أو انتقادها في أي ظرف أو حال، بما أنها تنفرد بمعرفة مفاتيح هذه الايدولوجيا وإسرارها، حيث تكمن صورة الواقع المسبقة والنقية، ويتجسد نظامه المنشود في حملتها وما يصدر عنها من أقوال وأفعال.

هذه المرحلة تنتهي إلى أزمة شاملة تتظاهر في أمرين خطيرين هما :

ا - عجز الايدولوجيا عن إيجاد علاج من داخلها وبأدواتها للمشكلات التي ينتجها تحققها في النظام الجديد، الذي يكون شمولياً بالضرورة،

ب - تحول الشمولية من وعد إلى كابوس، نتيجة غياب الدولة والمجتمع المتعاظم عن نظامها وانقلابها إلى بنية فوقية تعمل وفق معايير اوامرية واحدية الاتجاه، تنزل من فوق إلى تحت، حيث البشر أدوات يتم تحريكهم في المنحى المطلوب، يكون التحكم فيها أكثر سهولة وتلبية لمصالح « النظام العام »، بقدر ما تتلاشى إرادتها وتموت حريتها.

بكلام من آخر: تقوض الشمولية الدولة والمجتمع، فلا يبقى من حامل لمشروعها غير سلطة يزداد طابعها الإكراهي إلى أن يصير هويتها الوحيدة ومركز إعادة إنتاجها واستمرارها.

المرحلة الثانية :

ولأن هذه السلطة تلغي بصورة متعمدة ومتعاظمة أساسها المجتمعي:

فإنها تتحول إلى بناء معلق في الفراغ، لا يستند إلى أي أساس، يعيد إنتاج نفسه من فوق، من القيادة ممثلة في شخص الرئيس أو الأمين العام، فيشل الجمود حركته ويحول أجهزته الأمنية والإدارية والحزبية… الخ الضخمة: المكلفة بإدارته أو حمايته، إلى عبء يتصدع تحت ثقله.

ببلوغ النظام الإيديولوجي هذا الوضع، تبدأ مرحلة تفككه الأولى، التي تأخذ شكلاً محدداً يكمن في استعارة آليات وتقنيات إدارة وحكم من خارجه. آليات وتقنيات غير إيديولوجية، تستخدم من أجل علاج أزماته وإرساء قواعد نواظم جديدة لوجوده تضمن تحديثه وتطويره وجعله قادراً على الحياة في زمن تغير، وسط عالم لا يشبهه ويمارس عليه ضغوطاً مصيرية. في هذه المرحلة، يحل جيل جديد من القادة محل الجيل الأول، الايديولوجي، الخارج من النضال السري والتنظيم الحديدي، على صلة بالايديولوجيا لكنه لا يعتبرها مصدر معارفه ومواقفه والفيصل الذي يقيس به كل شيء ويعيد انطلاقاً منه إنتاج كل شيء.

انه جيل تكنوقراطي مؤدلج ولد في فترة ازدهار الايدولوجيا ونجاحات نظامها الأولية الكبيرة وترعرع في حقبة مآزقها التالية، لذلك تراه يعيش الأزمة التي أنجبتها الشمولية والتي تبدأ الآن بالتظاهر في كافة مناحي عملها.

في هذا الواقع، يرفض هذا الجيل مقايسة الواقع بالأيديولوجيات، ويعزف عن الاستمرار في إنتاجه انطلاقاً منها. ويحصر جهوده في تخطّي نقاط ضعفها، بفصل بعض جوانب الواقع والنظام عنها، والتعامل معهما كموضوعين يتمتعان باستقلالية نسبية عن أجهزتها وأفكارها ووعودها.

مع هذا الجيل. ينتقل مركز ثقل الايدولوجيا أكثر فأكثر إلى مجال الضبط والربط، تحار الايدولوجيا المعصومة في تبرير الخطوات الإصلاحية، التي تجافي طابعها الأصلي وأمرها السائد.

تنتهي هذه المرحلة إلى الفشل، عندما يتأكد عجز تقنيات الإدارة والسلطة المأخوذة من خارج النظام الأيديولوجي عن تخليصه من أمراضه ومشكلاته الكثيرة، التي لا تني تتفاقم بلا توقف.

المرحلة الثالثة :

عندئذ، تبرز عقلية مقطوعة الصلة بالايدولوجيا، تغلب عليها نزعة تقنية محضة، ليس لقضية النظام وطابعه أهمية أولى بالنسبة إليها، فهي تريد « قطاً يصطاد الفئران ولا يهمها لونه »، كما قال ذات مرة الصيني دينغ سياو بينغ. بسيطرة هذه العقلية – التي يمثلها جيل النظام الشمولي الثالث – على مقاليد السلطة، يسقط هذا النظام، لأن استمراره يصير ببساطة ضرباً من الاستحالة.

----------------
اعداد : ايراهيم رجب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في الموقع

صفحة الدانة نيوز الثقافية

صفحة الدانة نيوز الثقافية
صفحة ثقافية منوعة وشاملة احدى مفاخرنا

المقالات المتحركة

الدانة نيوز - الصفحة الرئيسية

صفحة المرأة - السيدة العربية

صفحة المرأة - السيدة العربية
صفحة شاملة منوعة تتابع قضايا المرأة وشؤونها واخبارها

كيف ظهرت الحياة على الأرض

***** الأكاديمي الروسي إيريك غاليموف - المدير العلمي لمعهد الجيوكيماء بأكاديمية العلوم الروسية - هو صاحب فرضية منشأ القشرة الأرضية الكوندريتي الكربوني. كما يعتبر من أهم مؤلفات الأكاديمي غاليموف كتابه الشهير بعنوان "ظاهرة الحياة" التي يكشف فيها آلية تشكل المادة العضوية من اللاعضوية وظهور الحياة على الأرض وهذا هو موضوع حلقتنا هذه

الاكثر قراءة

تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

-----تابعونا النشرة الاخبارية على الفيسبوك

الاخبار الرئيسية المتحركة

صفحة المقالات

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

اعلان

تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة

نيو سيرفيس سنتر متخصصون في الاعلام والعلاقات العامة
مؤسستنا الرائدة في عالم الخدمات الاعلامية والعلاقات العامة ةالتمويل ودراسات الجدوى ةتقييم المشاريع
?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

اعلن معنا

سلايدر الصور الرئيسي